الظن وعن القول على الله بغير علم مثل قوله تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) (١) وغيرها والآيات الواردة في ذمّ المقلّدين لاسلافهم كلها على كثرتها صريحة فيه ، وتعدادها يوجب التطويل فلنكتف بالاشارة إليها مع ما ذكرناه ، فان قال قائل : فانكم اختلفتم في كثير من المسائل الشرعيّة أفترى انّ الله اراد منكم الاختلاف ولم يرد منكم العمل بالحكم المعيّن في تلك المسائل فان قلتم : نعم ، قال : خصومكم فنحن مثلكم قد اراد منّا الاختلاف دون الحكم المعيّن وبطلت مقدّمتكم ، وان قلتم لا ، ناقضتم انفسكم واثبتم مخالفتكم لمراد ربّكم وعلى كلا الوجهين لا يصحّ قولكم؟ قلنا اما نحن فانّ الله تعالى رخّص لنا في الاختلاف فيما اختلفنا فيه من المسائل الشرعيّة ولم يرد منّا الاجتماع على الحكم المعيّن فيه في زمان تغلب الظّلمة على الائمّة الحق ومنعهم ايّاهم من التّصرف ، والدّليل على ذلك ما ثبت في الشّريعة المطهّرة من اختلاف الاحكام باختلاف الاحوال والاشخاص ، فانا نعلم يقينا انّ الله عزوجل اراد من مكلف في مسألة حكما معينا في حال واراد منه في حال اخرى حكما آخر واراد من بعض افراد المكلفين حكما في شيء واراد فيه حكما آخر من آخرين فقد علمنا انّ الله تعالى اوجب على واجد الماء الوضوء للصّلاة أو الغسل واوجب على فاقده التيمّم ، وأوجب على المرأة في حال خلّوها من الحيض والنّفاس الصّلاة والصّيام وأوجب تركهما عليها في وقتهما ، وأوجب على الآمن الحاضر اتمام الصّلاة واوجب على الخائف مطلقا وعلى المسافر قصر الصّلاة الرّباعيّة ، وأوجب الجمعة على الحر الصحيح الحاضر الّذي بينه وبين محلّتها أقل من فرسخين واسقطها عن العبد والمرأة والمريض والمسافر ومن هو بعيد عنها باكثر من فرسخين ، واوجب الزكاة على من ملك النّصاب ولم يوجبها على من لم يملكه والحجّ على المستطيع
__________________
(١) الاسراء : ٣٦.