الى حال باختياره أزيد في لذاته وأدخل في تمتعه وسروره [ولذته (١)] وانما يرغب الله تعالى في اللذات الواصلة في الجنة على الوجه المعتاد في الدنيا ، فلم يبق بعد ذلك الا أنهم يلجئون الى الامتناع من القبيح ، والا جاز وقوعه منهم.
وأما ما ظن أبو الهذيل أنهم متى لم يكونوا مضطرين إلى أفعالهم كانت عليهم فيها مشقة وهم من حيث تكلفوا الافعال ، وقد رأى أن قوله بذلك أدعى الى تخليص الثواب من الشوائب.
فقد بينا أن الذي ينغص (٢) اللذة هو كونهم (٣) مضطرين لا مختارين ، وان نيل الملتذ ما يناله (٤) من اللذات باختياره وإيثاره أكمل للذته وأقوى لمنفعته. وأما الكلفة في الأفعال ، فهي مرتفعة عنهم ، لأنهم ينالون ما يشتهون على وجه لا كلفة فيه ولا تعب ولا نصب.
فان قيل : فهذا يبين كون أهل الثواب غير مضطرين ، فما تقولون في أهل العقاب وأهل الموقف؟.
قلنا : أما أهل العقاب فكونهم مختارين لأفعالهم أشد تأثيرا في إيلامهم والإضرار بهم ، لأنهم إذا لم يتمكنوا مع كونهم مختارين أن يدفعوا ما نزل بهم من الضرر ، كان ذلك أقوى لحسراتهم وأزيد في غمهم. وأما أهل الموقف فبالإجماع يعلم أن أفعالهم (٥) كأفعال أهل الجنة وأهل النار ، لأن أحدا (٦) لم
__________________
(١) الزيادة من ب.
(٢) في خ ينقص.
(٣) في أ : وهم كونهم.
(٤) في ب : ما تناله.
(٥) في ب : ان فعاله.
(٦) في أ : وأحد.