يفرق بين الجميع.
فان قيل : فإذا قلتم أنهم ملجئون الى ألا يفعلوا القبيح فقد ثلم من ذلك كونهم مختارين لأفعالهم على بعض الوجوه.
قلنا : انما يلجئون الى ألا يفعلوا القبيح خاصة ، فالالجاء انما يكون فيما لا يفعلونه ، فأما ما يفعلونه فهم فيه مخيرون ، لأنهم يؤثرون (١) فعلا على غيره وينقلون من حال إلى أخرى بعد ألا يكون في أفعالهم شيء من القبيح. وليس يمتنع أن يكون الملجإ من وجه مخيرا [كذلك (٢)] من آخر ، لانه من الجأه السبع إلى مفارقة مكان بعينه هو مخير في الجهات المختلفة والطرق المتغايرة ، فالتخير ثابت وان كان ملجأ من بعض الوجوه ، وليس يجب أن يلحقهم غم ولا حسرة من حيث الجئوا (٣) الى ألا يفعلوا القبيح ، لأنهم مستغنون عنه بالحسن ، فلا غم ولا حسرة في الإلجاء إلى مفارقة القبيح (٤).
وهذه الجملة كافية لمن اطلع عليها. والله الموفق للصواب.
__________________
(١) في ب : يورثون.
(٢) الزيادة من أوخ.
(٣) في أ : من أن ألجئوا.
(٤) في ب : إلى أفعال القبيح.