يقتضي أن كل واحد منهم أفضل من المسيح ، وانما الخلاف في ذلك.
ويقال لهم فيما تعلقوا به ثالثا : ما أنكرتم أن يكون المراد بقوله تعالى (عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً) أنا فضلناهم على من خلقنا وهم كثير ، ولم يرد التبعيض. ويجري ذلك مجرى قوله تعالى : (عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً) أنا فضلناهم على من خلقنا وهم كثير ، ولم يرد التبعيض. ويجري ذلك مجرى قوله تعالى (وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً)(١) والمعنى (٢) لا تشتروا بها ثمنا [قليلا (٣)] وكل ثمن تأخذونه عنها قليل ، ولم يرد التخصيص والمنع من الثمن القليل خاصة.
ومثله قول الشاعر :
من أناس ليس في أخلاقهم |
|
عاجل الفحش ولا سوء الجزع (٤) |
وانما أراد نفي الفحش كله عن أخلاقهم وان وصفه بالعاجل ، ونفي الجزع عنهم وان وصفه بالسوء.
وهذا من غريب البلاغة ودقيقها ، ونظائره في الشعر والكلام الفصيح لا تحصر (٥).
وقد كنا أملينا في تأويل هذه الآية كلاما مفردا استقصيناه (٦) وشرحنا هذا الوجه وأكثرنا من ذكر أمثلته.
ووجه آخر في تأويل هذه الآية ، وهو أنه غير ممتنع أن يكون جميع الملائكة عليهمالسلام أفضل من جميع بني آدم ، وان كان في جملة بني آدم من الأنبياء
__________________
(١) سورة البقرة : ٤١.
(٢) في الأمالي : معناه.
(٣) الزيادة من الأمالي.
(٤) لسويد بن أبي كاهل اليشكري المفضليات ص ١٩١ ٢٠٢.
(٥) في أ : لا يحصى.
(٦) في ا : أسقطناه وفي «ن» لا تحصى.