عليهمالسلام من يفضل كل واحد [منهم (١)] على كل واحد من الملائكة ، لأن الخلاف انما هو في فضل كل بني آدم (٢) على كل ملك. وغير ممتنع أن يكون جميع الملائكة فضلاء يستحق كل واحد منهم الجزيل الكثير (٣) من الثواب ، فيزيد ثواب جميعهم على ثواب جميع بني آدم، لأن إلا فاضل من بني آدم أقل عددا ، وان كان في بني آدم آحاد كل منهم أفضل من كل واحد من الملائكة.
ووجه آخر مما يمكن أن يقال في هذه الآية أيضا : ان مفهوم الآية إذا تؤملت يقتضي أنه تعالى لم يرد الفضل الذي هو زيادة الثواب ، وانما أراد النعم والمنافع الدنيوية. ألا ترى قوله تعالى (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ) ، والكرامة انما هي الترفيه وما يجري مجراه. ثم قال (وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ)(٤). ولا شبهة في أن الحمل لهم في البر والبحر ورزق الطيبات خارج عما يستحق به الثواب ، ويقتضي التفضيل الذي وقع الخلاف فيه (٥) ، فيجب أن يكون ما عطف عليه من التفضيل داخلا في هذا الباب وفي (٦) هذا القبيل ، فإنه أشبه من أن يراد به غير ما سياق الآية وارد به ومبني عليه. وأقل الأحوال (٧) أن تكون لفظة «فضلناهم» محتملة للأمرين ، فلا يجوز الاستدلال (٨) بها على خلاف ما نذهب اليه.
__________________
(١) الزيادة من الأمالي.
(٢) في أ : كل نبي.
(٣) في الأمالي : الأكثر.
(٤) سورة الإسراء : ٧٠.
(٥) في الأمالي : وقع إطلاقه فيه.
(٦) في أو «ن» : ومن.
(٧) في أ : وأحسن الأحوال.
(٨) في أو «ن» : أقل الاستدلال.