عباده في شركهم وكفرهم ، ومن جعل لله شريكا فقد أشرك بالله غيره [وقال (١)](وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ)(٢) وقال (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ)(٣) وقال (وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ)(٤) فلو كان جاعلا ما جعلوه من الكفر كان قد جعل لنفسه ما يكرهه ، وجعل لنفسه أندادا ، جعل الله عن ذلك.
وقال عزوجل (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ)(٥) فنفى أن يكون جعل من دونه آلهة ، فعلمنا أن اتخاذ الا له من دون الله لم يجعله الله.
وقال عزوجل (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ)(٦) فلو كان هو الذي جعل الحمية في قلوبهم لم يقل هم الذين جعلوا الحمية.
فإن قالوا : ما أنكرت أن يجعل ما جعل العباد.
قيل لهم (٧) : لو جاز أن يكون جاعلا لما جعله العباد لكان عادلا بعدل العباد ، ومصلحا بصلاح العباد ، وجائرا بجور العباد ، ومفسدا بفساد العباد ، وكاذبا بكذبهم ، إذ كان لكذبهم وفسادهم وجورهم فاعلا ، فلما لم يجز ما ذكرناه علمنا أن الله لم يجعل لما جعله العباد.
وقال تعالى (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا
__________________
(١) الزيادة من أ.
(٢) سورة النحل : ٥٧.
(٣) سورة النحل : ٦٢.
(٤) سورة إبراهيم : ٣٠.
(٥) سورة الزخرف : ٦٥.
(٦) سورة الفتح : ٢٦.
(٧) في أ : قيل له.