وأيضا فإنه لا يخلو الظلم في قوله وفعلهم من أن يكون بخلقه تعالى [فيكون الظالم ظالما ومصيبا بذلك لا مخطئا (١)] فلو كان الله بخلقه الظلم عادلا [أيضا (٢)] كان الظلم عدلا وصوابا ، لانه لا يجوز أن يصيب الا بفعل الصواب ، ولا يعدل الا بفعل العدل ، ولو كان الكفر والظلم صوابا وعدلا كان الكافر والظالم مصيبين عادلين [بالظلم (٣)] ولا مصيب بفعل [الكفر والظلم (٤)] ، فثبت أن الله لا يجوز أن يفعل الظلم والخطأ والفسوق والفجور بوجه من الوجوه ولان بسبب من الأسباب.
وأيضا فلو جاز أن يفعل الله الظلم ولا يكون ظالما لجاز أن يخبر بالكذب [بقوله (٥)] ولا يكون كاذبا ، فلما لم يجز أن يكون الله يقول الكذب لأن القائل المخبر بالكذب كاذب كذلك لم يجز أن يفعل الظلم لان الفاعل للظلم ظالم ، فلما لم يجز أن يكون عزوجل ظالما لم يجز أن يكون لظلم فاعلا ، فنثبت (٦) ان الظلم ليس من فعل الله ولا الكذب من قوله سبحانه.
وأيضا فإن الله سخط الكفر وعابه وذم فاعله ولا يجوز على الحكيم أن يذم العباد على فعل ولا يعيب صنعه ولا يسخط ، بل يجب أن يرضى بفعله ، لان من فعل مالا يرضى به فهو غير حكيم ، ومن يعيب ما صنع ويصنع ما يعيب فهو معيب والله يتعالى عن هذه الصفات علوا كبيرا ، فلما لم يجز على ربنا أن يعيب ما
__________________
(١) هذه الجملة جاءت في مط هكذا : بخلقه الظلم عادلا أو ظالما أو مصيبا بذلك أو مخطئا.
(٢) الزيادة من أ.
(٣) الزيادة من أ.
(٤) الزيادة من مط.
(٥) الزيادة من مط.
(٦) في ا : ثبت.