التي فيها صنعهم ، فكذلك قال (أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ. وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ)(١) خلق الخشب الذي يعملون منه صنما لا أن العباد (٢) عملوا خلق الله [و (٣)] لا ان الله خلق أعمالهم.
وقد يقول القائل : فلان يعمل الطين لبنا ، ويعمل الحديد أقفالا ، ويعمل الخوص زبلا. كذلك أيضا عملوا الخشب أصناما ، فجاز أن يقال : انها عمل لهم ، كما قيل : انهم يعملون الخوص والطين والحديد.
ثم انا نرد هذا الكلام عليهم فنقول لهم : إذا زعمتم أن كفرهم خلقهم (٤) ، وقال إبراهيم محتجا عليهم في قولهم ان الله خلق أعمالهم فلم ما قالوا : يا إبراهيم ان كان الله خلق فينا الكفر ولا يمكننا ان نرد ما خلق الله فينا ولو قدرنا لفعلنا ، وأنت تأمرنا بأمر لا يكون خلق الله فينا ، فإنما تأمرنا بأن لا يخلق الله خلقه حاشا الله (٥) ، بل قالوا ذلك لتبين إبراهيم عليهالسلام أن كفرهم غير خلق الله ، ولو كان خلق الله ما عذبوا عليه ولا نهوا عنه ، وقد قال الله تعالى (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ)(٦) فلو كان خلق الله ما بدل وما عذبوا الا على كفرهم الذي هو غير خلق الله وان خلق الله حكمة وصواب ، والكفر سفه وخطأ ، فثبت أن الحكمة غير السفه ، والخطأ غير الصواب.
ولو لا كراهة طول الكتاب وخوف ملال القارئ لأتينا على كل شيء مما
__________________
(١) سورة الصافات : ٩٦.
(٢) في مط : الا أن.
(٣) الزيادة من أ.
(٤) في مط : خلق لهم.
(٥) في مط : بأن لا يخلق الله خلقا ما شاء الله.
(٦) سورة الروم : ٣٠.