ومنع من الوقوف على ما في كمه بجهده ، فلم ينفعه ذلك ، وأعان الحاضرون على إخراج ما في كمه لما أحسوا بالإصابة من الزرق ، فأخرج من كمه رقاع كثيرة في جملتها صك على دار الضرب بصلته (١) من خليفة الوزراء في ذلك الوقت.
فعجبنا مما اتفق من اصابته مع بعده من صناعة النجوم.
وكان لنا صديق يقول أبدا : من أدل دليل على بطلان أحكام النجوم اصابة الشعراني.
وجرى يوما مع من يتعاطى علم النجوم هذا الحديث ، فقال : عند المنجمين أن السبب في اصابة من لا يعلم شيئا من علم النجوم ، أن مولده وما يتولاه ويقتضيه كواكبه اقتضى له ذلك.
فقلت له : لعل بطليموس وكل عالم من عامة (٢) المنجمين ومصيب في أحكامه عليها انما سبب اصابته مولده وما يقتضيه كواكبه من غير علم ولا فهم ، فلا يجب أن يستدل بالإصابة على العلم ، إذ كانت تقع من جاهل ويكون سببها المولد.
وإذا كانت الإصابة بالمواليد ، فالنظر في علم النجوم عبث ولعب لا يحتاج إليه ، لأن المولد ان اقتضى الإصابة أو الخطأ ، فالتعلم لا ينفع وتركه لا يضر.
وهذه علة تسري الى كل صنعة حتى يلزم أن يكون كل شاعر مفلق وصانع حاذق وناسج للديباج مونق ، لا علم له بتلك الصناعة ، وانما اتفقت الصنعة بغير علم لما تقتضيه كواكب مولده ، وما يلزم على هذا من الجهالات لا يحصى.
واعلم أن التعب بعلم مراكز الكواكب وأبعادها وإشكالها وتسيراتها متى لم يكن ثمرته العلم بالأحكام والاطلاع على الحوادث قبل كونها لا معنى له ولا
__________________
(١) في البحار : صلة.
(٢) خ ل علماء.