وبينا أنهم متمكنون في حال كفرهم من أداء هذه العبادات ، بأن يؤمنوا ويسلموا ، فيعلموا وجوبها ، ويتمكنون حينئذ من فعله.
وبينا أن من دفع وجوب ذلك عليهم من حيث لا يتمكنون منه في الثاني والا بعد أحوال كثيرة ، يلزمه أن لا يكون المحدث مخاطبا بالصلاة ، لأنه لا يتمكن مع الحدث من إيقاعها ، لكنه لما تمكن من إزالته الحدث قبل الإيقاع كان مخاطبا بالإيقاع ، وبلغنا في استيفاء ذلك الى الغاية القصوى ..
وعندنا أن المرتد يقضي ما فاته من الصلاة وغيرها من العبادات ، وان كان الكافر الأصلي لا يلزم قضاء ذلك إذا أسلم ، وهو مذهب الشافعي.
والفرق بينهما أن المرتد كفر بعد الالتزام لهذه الشرعيات ، فيجوز أن يلزمه من القضاء ما لا يلزم الكافر الأصلي ، لأن الكافر الأصلي لم يلتزم من ذلك شيئا ، وأن له (١) لازما.
فأما ما مضى في أثناء الكلام من إجماع المسلمين على أن التكليف الشرعي لازم لكل بالغ كامل العقل ، فهو خطأ بلا شبهة ، لان الخلاف كله في ذلك ..
أما المتكلمون فيذهبون الى أن من هو في مهلة النظر لا يجب عليه العبادات الشرعيات ، فإنه لا يتمكن من العلم بوجوبها عليه ، وان كان بالغا عاقلا.
وأكثر الفقهاء يذهبون الى أن الكفار كلهم من اليهود والنصارى وغيرهم ، غير مخاطبين بالعبادات الشرعية وان كانوا عقلاء بالغين ، فكيف ينبغي الإجماع فيما فيه خلاف كل محق ومبطل؟ فالصحيح اذن ما بيناه ورتبناه.
__________________
(١) ظ : وان كان له.