الموقفين ونفعل المناسك التي هي أصل الحج ، ولا يجب أن يكون ما نفعله من الحج على الافراد بعد فوت المتعة كله صحيحا واقعا موقعه من المناسك ..
وليس كذلك ما يقوله أصحاب العدد ، لانه من يقف على مذهبهم في يوم عرفات في غير يوم الموقف ، فكأنه ما وقف ، ويأتي منى في غير اليوم الذي يجب إتيانها فيه ، فكذلك ما أتاها ، وإذا وقعت المناسك في غير أوقاتها لمخالفتها العدد الذي هو المعتبر ، فكأنه ما صنع شيئا فلا حج له.
فأما قوله «انا نقف مع الناس ونتابعهم للضرورة» فليس بشيء يعتمد ، لأن السؤال عليه أن يقال : ولم تكلف الخروج الى الحج وأنت تعلم ، وأنت لا تتمكن منه ولا تقدر أن تؤدي أفعال الحج في أوقاتها وأنك تصد عنها وتمنع ، وهل ذلك الا عبث؟
فان قلت : قد كان من الجائز أن يلي الحرمين سلطان عددي ، فيتمكن به من أداء الحج على واجبه وحقه.
قيل لك : فينبغي إذا لم يقع هذا الجائز الذي يتمكن به من شرائط الحج أن يتوقف على تكليفه والخروج إليه ، لأن ذلك منك عبثا.
فان قلت : انما أتكلفه قبل علمي بوقوع هذا الجائز ، لتجويزي في طول الطريق الى الحج أن يلي الحرمين من مذهبه العدد ، فيتمكن أن يكون حينئذ على موجب العدد.
قيل لك : وأي شيء ينفعك من تغير مذهب من يلي الحرم وتابعهم عند الضرورة ، ولا يخالف جار في ذلك مجرى الممنوع وعن بعض شرائط الحج مصدود ، وعند الاضطرار تبسط الاعذار ، وهو نظير ما أجمعت عليه الشيعة وخالفت فيه العوام من وجوب التمتع بالعمرة إلى الحج على من لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ، حتى أكد أكثرهم ذلك.