وقال الجنيد مرّة : حقيقة الصّدق أن تصدق فى مواطن لا ينجيك [منها](١) إلا الكذب.
وفى أثر إلهىّ : من صدقنى فى سريرته صدقته فى علانيته عند خلقى
وقال سهل : أوّل خيانة الصّديقين حديثهم مع أنفسهم.
وقال يوسف بن أسباط : لأن أبيت ليلة أعامل الله بالصّدق أحبّ إلىّ من أن أحارب بسيفى فى سبيل الله.
وقال الحارث المحاسبىّ : الصّادق : هو الذى لا يبالى لو خرج كلّ قدر له فى قلوب الخلق من أجل صلاح قلبه ، ولا يحبّ اطّلاع النّاس على مثاقيل الذّر من حسن عمله ، ولا يكره أن يطّلع النّاس على السّيئ من عمله ، فإن كراهته له دليل على أنه يحبّ الزيادة عندهم ، وليس هذا من علامات الصّدّيقين. هذا إذا لم يكن له مراد سوى عمارة حاله عندهم ، وسكناه فى قلوبهم تعظيما له. وأمّا لو كان مراده بذلك تنفيذا لأمر الله ، ونشرا لدينه ، ودعوة إلى الله ، فهذا الصادق حقّا ، والله يعلم سرائر القلوب ومقاصدها.
وقال بعضهم : من لم يؤدّ الفرض الدائم لا يقبل منه الفرض الموقّت. قيل : وما الفرض الدّائم؟ قال : الصّدق. وقيل : من يطلب الله بالصدق
__________________
(١) الزيادة من الرسالة ١٢٧.