أعطاه مرآة يبصر فيها الحقّ والباطل. وقيل : عليك بالصّدق حيث تخاف أنّه يضرّك ، ودع الكذب حيث تراه أنّه ينفعك ؛ فإنّه يضرّك.
وقال الشيخ عبد الله الأنصارى : الصّدق اسم لحقيقة الشىء ، حصولا ووجودا. والصّدق : هو حصول الشىء وتمامه ، وكمال قوّته واجتماع أجزائه كما يقال : عزيمة صادقة إذا كانت قويّة تامّة ، وكذلك محبّة صادقة ، وإرادة صادقة. وكذلك حلاوة صادقة إذا كانت قويّة تامة ثابتة الحقيقة ، لم ينقص منها شىء. ومن هذا أيضا صدق الخبر ؛ لأنّه وجود المخبر [به] بتمام حقيقته فى ذهن السّامع.
وهو على ثلاث درجات :
الأولى : صدق القصد ، وبه يصحّ الدّخول فى هذا الشأن ، ويتلافى كلّ تفريط ويتدارك كلّ فائت ، ويعمر كلّ خراب. وعلامة هذا الصادق ألّا يحتمل داعية يدعو إلى نقض عهد ، ولا يصبر على صحبة ضدّ ، ولا يقعد عن الجدّ بحال.
والدّرجة الثّانية : ألّا يتمنّى الحياة إلّا للحقّ ، ولا يشهد من نفسه إلّا أثر النقصان ، ولا يلتفت إلى ترفيه الرّخص ، أى لا يحب أن يعيش إلّا فى طلب رضا محبوبه ، ويقوم بعبوديّته ، ويستكثر من الأسباب الّتى تقرّبه منه ، ولا يلتفت إلى الرفاهية التى فى الرّخص ، بل يأخذ بها اتّباعا