ابنه ممن يظهر نور رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في وجهه بأنه لا يتزوج إلا بأطهر نساء أهل وقته حراسة لهذا النور ألا ينتقل إلا في درجات الشرف ومنازل الطهارة من الدنس فلم يزل نوره منتقلا فيهم ظاهرا بين أعينهم يدركه الناس بالمشاهدة ويرون خلو الوالد منه إذا انتقل إلى ولده وهو يزداد بالانتقال بيانا ويتضاعف بالموارثة برهانا إلى أن انتهى إلى عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف رضوان الله عليهم فعظم في وجهه وأضاء في غرته وعلمت حاله الأحبار وأخبرت بأمره الكهان وذاع خبره في البلاد.
حتى روي (١) أن أحبار يهود الشام كانت عندهم جبة مغموسة في دم يحيى بن زكريا عليهم السلام وكانوا قد وجدوا في كتبهم أن إذا رأيتم الجبة بيضاء والدم يقطر فاعلموا أن أبا النبي محمد المصطفى قد ولد فلما رأوا ذلك من حالها تحققوا ولادة عبد الله بن المطلب عمدوا بأجمعهم إلى الحرم ليغتالوه ويغتنموا الظفر به فيقتلوه فصرف الله سبحانه عنه كيدهم وردهم خائبين إلى بلادهم وكانوا إذا سألوا عنه قيل لهم تركناه نورا يتلألأ في قريش تلألؤ القمر فيقول الأحبار ليس ذلك النور لعبد الله إنما هو لولده محمد صلى الله عليه وآله وسلم ثم ترجع في كفرها وعنادها فإذا تأملت الحال وأفاقت للاستدلال قالت هو هو ورب موسى.
وقيل إن الكهنة اجتمعت فقالت نحن نتخوف لتزايد نور عبد الله أن يغلب كهانتنا.
وروي أن نساء قريش افتتن به وكن يتعرضن به في طريقه حتى لقي منهن ما لقي يوسف عليهم السلام من امرأة العزيز وهو لا يلوي عليهن ويقول لهن ليس في سبيل إلى كلامكن (٢).
حتى ورد في الحديث أن الجوار الأبكار كن يقفن في طريقه وإذا رمن
_________________
(١) تجد شطرا من هذه الرواية في مناقب آل أبي طالب ج ١ صلى الله عليه وآله وسلم ٢٧.
(٢) تجد شطرا من هذا الخبر في كتاب اثبات الوصية للمسعودي صلى الله عليه وآله وسلم ٨٨ = ٨٩.