وأما المدعون من اليهود أن إبطال النسخ علم بالسمع دون العقل فإنهم ادعوا في ذلك على موسى عليهم السلام أنه قال :
إن شريعته دائمة لا تنسخ.
والذي يدل على بطلان دعواهم هذه ظهور المعجزات على من أتى بالنسخ ولو كان خبرهم حقا لم يصح إتيان ذي معجز بنسخ.
وهذه المعجزات يعلم أنها قد كانت بمثل ما تعلم له اليهود معجزات موسى عليهم السلام من غير فرق.
فصل في ذكر البداء
اعلم أيدك الله تعالى أن أصحابنا دون المتكلمين يقولون بالبداء ولهم في نصرة القول به كلام ومعهم فيه آثار.
وقد استشنع ذلك منهم مخالفوهم وشنع عليهم به مناظروهم.
وإنما استشنعوه لظنهم أنه يؤدي إلى القول بأن الله تعالى علم في البداء ما لم يكن يعلم فإذا قدر الناصر للبداء على الاحتراز من هذا الموضع فقد أحسن ولم يبق عليه أكثر من إطلاق اللفظ وقد قلنا إن ذلك قد ورد به السمع.
وقد اتفق لي فيه كلام مع أحد المعتزلة بمصر أنا أحكيه لتقف عليه.
حكاية مجلس في البداء
كنت سألت معتزليا حضرت معه مجلسا فيه قوم من أهل العلم فقلت له لم أنكرت القول بالبداء وزعمت أنه لا يجوز على الله تعالى.
فقال لأنه يقتضي ظهور أمر لله سبحانه كان عنه مستورا وفي هذا أنه قد تجدد له العلم بما لم يكن به عالما.