التي في مقدمات الذبح مثل القصد والإضجاع وأخذ الشفرة ووضعها على الحلق ونحو ذلك ذبحا مجازا واتساعا.
ونظير ذلك أن الحاج في الحقيقة هو زائر بيت الله تعالى على منهاج ما قررته الشريعة من الإحرام والطواف والسعي.
وقد يقال لمن شرع في حوائجه لسفره في حجه من قبل أن يتوجه إليه إنه حاج اتساعا ومجازا.
فأقول إن مراد الله تعالى فيما أمر به لخليله إبراهيم عليهم السلام من ذبح ولده أنما كان مقدمات الذبح من الاعتقاد أولا والقصد ثم الاضطجاع للذبح ترك الشفرة على الحلق وهذه الأفعال الشاقة التي ليس بعدها غير الإتمام بتفرقة أجزاء الحلق.
وعبر عن ذلك بلفظ الذبح ليصح من إبراهيم عليهم السلام الاعتقاد له والصبر على المضض فيه الذي يستحق جزيل الثواب عليه.
ولو فسر له في الأمر المراد على التعيين لما صح منه الاعتقاد للذبح ولا كان ما أمر به شاقا يستحق عليه الثناء والمدح وعظيم الأجر.
والذي نهى الله تعالى عنه هو الذبح في الحقيقة وهو الذي لم يبق غيره ولم تتعلق الإرادة قط به فقد صح بهذا أن الله تعالى لم يأمر بما لا يريد ولا نهى عما أراد والحمد لله.
قال الخصم فقد انتهى قولك إلى أن الذي أمر به غير الذي نهى عنه وليس هذا هو البداء.
فقلت له أما في ابتداء الأمر فما ظن إبراهيم عليهم السلام إلا أن المراد هو الحقيقة.
وكذلك كان ظن ولده إسماعيل عليهم السلام فلما انكشف بالنهي لهما ما علماه مما كان ظنهما سواه كان ظاهره بداء لمشابهته لحال من يأمر بالشيء وينهى عنه بعينه في وقته وليستسلمه على ظاهر الأمر دون باطنه فلم يرد على ما ذكرت شيئا.