وأن محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم أفضل الأنبياء أجمعين وخير الأولين والآخرين.
وأنه خاتم النبيين وأن آباءه من آدم عليهم السلام إلى عبد الله بن عبد المطلب رضوان الله عليهم كانوا جميعا مؤمنين موحدين لله تعالى عارفين وكذلك أبو طالب رضوان الله عليه.
ويعتقد أن الله سبحانه شرف نبينا صلى الله عليه وآله وسلم بباهر الآيات وقاهر المعجزات فسبح في كفه الحصى ونبع من بين أصابعه الماء وغير ذلك مما قد تضمنته الأنباء وأجمع على صحته العلماء وأتى بالقرآن المبين الذي بهر به السامعين وعجز عن الإتيان بمثله سائر الملحدين.
وأن القرآن كلام رب العالمين وأنه محدث ليس بقديم. (١)
ويجب أن يعتقد أن جميع ما فيه من الآيات الذي يتضمن ظاهرها تشبيه الله تعالى بخلقه وأنه يجبرهم على طاعته أو معصيته أو يضل بعضهم عن طريق هدايته فإن ذلك كله لا يجوز حمله على ظاهرها وأن له تأويلا يلائم ما تشهد العقول به مما قدمنا ذكره في صفات الله تعالى وصفات أنبيائه.
_________________
(١) هذا إشارة إلى الفتنة التي حدثت بين فرق المسلمين في القرآن هل هو مخلوق أم أزليّ ، بعد اتفاقهم على أنّه تعالى يتصف بالكلام وأنّه متكلم كما هو صريح قوله تعالى :(وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً) وأن القرآن كلام اللّه ، ولكنهم اختلفوا في معنى كلامه فعند المعتزلة والشيعة أنّه حادث وأنّه تعالى أوجده بعد أن لم يكن موجودا في أجسام دالة على المراد ، كما أوجد الكلام في شجرة الطور لموسى (عليهم السلام). وعند الأشاعرة أن الكلام صفة من الصفات اللاحقة له تعالى كغيره من الصفات الأخرى ، من العلم والقدرة والحياة وغيرها وإن معنى كونه تعالى متكلما أن هناك صفة قائمة بذاته كالعلم والإرادة ، وهذه الصفة القائمة تعبّر عنها وتحكيها الكلمات والألفاظ. وهذا المعنى القائم بذاته أمر واحد عندهم ليس بنهي ولا أمر ولا خبر ولا إنشاء ولا غيرها من أساليب الكلام ، ويعبرون عنه بالكلام النفسي ، وما يحكيه من الألفاظ والعبارات بالكلام اللفظي.
وقد نشبت هذه الفتنة في عصر المأمون العباسيّ الذي تبنى القول بخلق القرآن ، واشتد على من يقول بقدمه. وقد كتبنا حول هذه المسألة في كتابنا : هشام بن الحكم صلى الله عليه وآله وسلم ١٤٤ = ١٤٦.