بالنظر والأدلة حتى أني رأيت جماعة منهم يقولون هذه المقال ويستعظمون القول بأن أمير المؤمنين عليهم السلام أسلم أتم استعظام.
وقد نبهتهم على أن هذه الشبهة مدسوسة عليهم وأن أعداءهم ألقوها بينهم فمنهم من قبل ما أقول ومنهم من أصر على ما يقول.
وقد كنت اجتمعت بأحد الناصرين لهذه الشبهة من الشيعة فقلت له أتقول إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام مسلم؟
فقال لا يسعني غير ذلك.
فقلت له أفتقول إنه يكون مسلما من لم يسلم فقال إن قلت بأنه أسلم لزمني الإقرار بأنه قبل إسلامه لم يكن مسلما.
ولكني أقول إنه ولد مسلما مؤمنا فقلت هذا كقولك إنه ولد حيا قادرا وهو يؤديك إلى أن الله تعالى خلق فيه الإسلام والإيمان كما خلق فيه القدرة والحياة ويدخل بك في مذهب أهل الجبر ويبطل عليك القول بفضيلة أمير المؤمنين عليهم السلام في الإسلام وما يستحق عليه من الأجر.
فاختر لنفسك إما القول بأن إسلامه وإيمانه فعل الله سبحانه وأنه ولد مسلما ومؤمنا وإن ساقك إلى ما ذكرناه. (١)
وإما القول بأن الله تعالى أوجده حيا قادرا ثم آتاه عقلا وكلفه بعد هذا فأطاع وفعل ما أمر به مما يستحق جزيل الأجر على فعله فإسلامه وإيمانه من أفعاله الواقعة بحسب قصده وإيثاره وإن أداك في وجوده قبل فعله إلى ما وصفناه.
فحيره هذا الكلام ولم يجد فيه حيلة من جواب.
ومما يجب أن يكلم به في هذه المسألة أهل الخلاف أن يقال لهم :
لما زعمتم أنه لم يسلم إلا من كان كافرا.؟
_________________
(١) وهو عدم استحقاقه (عليهم السلام) الأجر على إسلامه لأنّه مجبور عليه من فعل اللّه.