فإن قالوا لأن من صح منه وقوع الإسلام فهو قبله عار منه وإذا عرى منه كان على ضده وضده الكفر. (١)
قيل لهم لم زعمتم أنه إذا عرى منه كان على ضده وما أنكرتم من أن يخلو منهما فلا يكون على أحدهما؟
فإن قالوا إن ترك الدخول في الإسلام هو ضده لأنه لا يصح اجتماع الترك والدخول فمتى كان تاركا كان كافرا لأن معه الضد.
قيل لهم إنما يلزم ما ذكرتم متى وجدت شريعة الإسلام ولزم العمل بها وعلم العبد وجوبها عليه بعد وجودها.
فأما إذا لم يكن نزل به الوحي ولا لزم المكلف منها أمر ولا نهي فإلزامكم الكفر جهل وغي.
فإن قالوا قد سمعناكم تقولون إن الوحي لما نزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتبليغ الإسلام دعا إليه أمير المؤمنين عليهم السلام فلم يجبه عند الدعاء وقال له أجلني الليلة وتعدون هذا له فضيلة وفيه أنه قد ترك الدخول في الإسلام بعد وجوده.
قلنا هو كذلك لكنه قبل علمه بوجوبه وهذه المدة التي سأل فيها الإنظار هي زمان مهلة النظر التي أباحها الله تعالى للمستدل ولو مات قبل اعتقاد الحق لم يكن على غلط وهكذا رأيناكم تفسرون قول إبراهيم عليهم السلام لما (رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) إلى تمام قصته ع.
_________________
(١) هذه الدعوى مبنية على القول بأن التقابل بين الإيمان والكفر تقابل نقيضين أو السلب والإيجاب ، أو تقابل ضدين لا ثالث لهما.
أما إذا كان التقابل بينهما تقابل عدم وملكة ، أو تقابل ضدين لهما ثالث فلا تصح هذه الدعوى. ويبدو أن طبيعة الجواب مبنية على أن التقابل بينهما تقابل ضدين لهما ثالث ، الذي لا يلزم من نفي أحدهما إثبات الآخر.