وقوله (إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ). الأنعام : ٧٨ ـ ٧٩.
وتقولون إن هذا منه كان استدلالا وهي في زمان مهلة النظر التي وقع عقيبها العلم بالحق.
فإن قالوا فما تقولون في أمير المؤمنين عليهم السلام قبل الإسلام وهل كان على شيء من الاعتقادات؟
قيل لهم الذي نقول فيه إنه كان في صغره عاقلا مميزا وكان في الاعتقاد على مثل ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل الإسلام من استعماله عقله والمعرفة بالله تعالى وحده وإن ذلك حصل من تنبيه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وتحريك خاطره إليه وحصل للرسول من ألطاف الله تعالى التي حركت خواطره إلى الإسلام والاعتبار ولم يكن منهما من سجد لوثن ولا دان بشرع متقدم.
فأما الأمور الشرعية فلم تكن حاصلة لهما فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لزم أمير المؤمنين عليهم السلام الإقرار به والتصديق له وأخذ الشرع منه.
وإنما قال له أجلني الليلة ليعتبر فيقع له العلم واليقين مع اعتقاد التصديق لرسول رب العالمين فلما ثبت له ذلك أقر بالشهادتين مجددا للإقرار بالله سبحانه وشاهدا ببعثة رسول الله ص.
فإن قالوا فأنتم إذا تقولون إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أسلم وهذا أعظم من الأولى.
قيل لهم إن العظيم في العقول هو الانصراف من هذا القول فإن لم تفهموا فيه حجة العقل فما تصنعون في دليل السمع وقد قال الله عزوجل لنبيه عليهم السلام :
(قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) الأنعام : ١٤.
وقوله سبحانه :
(قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) الانعام : ٧١