دينها بقول متفق وأمر متسق وقد علم أن الآتين من أمته بعده مكلفون من شرعه نظيرنا كأنه من كان في وقته.
فوجب في العدل والحكمة إزاحة علل أهل كل زمان لمن يقوم فيه ذلك المقام يفزع إليه في النازلات ويعول عليه عند المشكلات تكون النفس ساكنة إلى طهارته وعصمته واثقة بكمال علمه ووفادته وليس ما تضمنه السؤال من أن النبي عليه وآله السلام قد بلغ الكافة وبين للامة بقادح في هذا الاستدلال لأنه عليهم السلام بين لهم شرعه على الحد الذي أمر به فعين لهم على بعضه بالمشافهة ودلهم منه على الجملة الباقية بالإشارة إلى من خصه الله بعلمها واستحفظه إياها وجعله الخليفة على الأمة بعده في تبليغها حسبما تقتضيه مصالحها في تكليفها في أخبار تواترت على ألسنتها منها قوله :
أنا مدينة العلم وعلي بابها
فكان ما خصه به من تفصيل ما أجمل لهم بحسب ما كلفه من التبليغ دونهم على أنه لو ماثلهم في جميع التكليف لم يلزم اشتراكهم في الإبانة على التفصيل وإنما الواجب عموم المكلفين بالتمليك من الأدلة التي بها تثبت الحجة وتدرك المحجة.
والإمام عندنا أحد الدليلين على الحق من الشريعة فإذا أودعه الذي استخلفه عليهم تفصيل كثير مما أجمل لهم ونص على عينه ومكن منه فقد أزاح عللهم ولم يخرج ذلك عن القول بأنه بلغهم وبين لهم ولا دفع ما قدمناه من وجوب الحاجة إلى إمام يرجعون إليه فيما كلفهم.
ووجه آخر :
لو فرضنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد شمل جميع الأمة بالإبانة على سبيل التفصيل والجملة ولم يخص أحدا منهم ولا أخفى شيئا عنهم لم تسقط مع ذلك الإمامة ولا جاز خلو زمان من حجة لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم علم أهل عصره وبين