لمن كان في وقته ودهره وكانت أحوالهم مختلفة وأسباب اختلافها معهودة معروفة.
فمنهم الذكي الرشيد والبطيء البليد والمحب للعلم مع شغله بدنياه والمنقطع إلى العمل والزهد دون ما سواه والمتوفر على العلم المواظب عليه والمتضجر منه الزاهد فيه والمجتهد في الحفظ مع كثرة نسيانه والمعتمد يعتبر ما يسعه (١) إيمانه.
هذا مع عدم العصمة عنهم وجواز الغلط منهم ولذلك حصل الاختلاف بينهم وتضادت رواياتهم ووقع في الحيرة العظمى من عول في دينه عليهم.
ولم يكن الله سبحانه ليلجئ عباده بعد نبيه صلى الله عليه وآله وسلم إلى غير حفظة لما استودعوه ولا منفقين فيما رووه ونقلوه.
ولسنا نجد علما على يد بعضهم يستدل به على أمانتهم وصدقهم ولا عصمة لهم يؤمن معها من تحريفهم أو غلطهم.
هذا مع ما نعلم من عدمهم أكثر النصوص في الأحكام والتجائهم بعدمها إلى الاجتهاد والقياس والأخذ في الدين بالظن والرأي الموقع بينهم الاختلاف والمانع من الاتفاق والائتلاف.
فعلمنا أن الله سبحانه قد أزاح علل المكلفين بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله الطاهرين بالأئمة الراشدين الهداة المعصومين الذين أمر الله تعالى بالرد إليهم والتعويل عليهم فقال عز من قائل :
(وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) النساء : ٨٣.
وقال النبي ص :
_________________
(١) في النسخة يسمعه.
(٢) يريد بقوله (من عدمهم) عدم إحاطتهم بأكثر النصوص.