وفي الجملة إن كان من كان واليا الأمر ومتحققا بتدبيره فهو وليه وأولى به.
هذا هو المعروف في اللغة والشرع معا فيثبت به ما ذكرناه.
فإن قال المخالفون قد سلمنا لكم أن لفظة (وَلِيُّكُمُ) تحتمل ما ذكرتم ولكنها قد تحتمل أيضا سواه ويجوز أن يكون المراد بها الموالاة في الدين كقوله سبحانه.
(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ). التوبة : ٧١
قلنا لهم إن هذه الآية التي ذكرتموها عامة في سائر المؤمنين والآية التي احتججنا بها لا يصح أن يكون مراد الله تعالى فيها (وَالَّذِينَ آمَنُوا) إلا البعض دون الجميع.
وذلك أنه ميز فيها من أراده من المؤمنين بصفة الزكاة في حال الركوع وجعله وليا للجميع وأنتم لا تخالفون في أن هذه الصفة خاصة في بعض المؤمنين فوجب أن يكون قوله (وَالَّذِينَ آمَنُوا) خاصا كذلك لأنها صفة لهم بظاهر التنزيل ولو أراد بقوله (وَالَّذِينَ آمَنُوا) العموم بجميع المؤمنين لكان الإنسان وليا لنفسه وهذا لا معنى له.
وقوله في الآية (إِنَّما) شاهد بصحة التخصيص ونفي المثبت عن من سوى المذكورين وهي كقول القائل إنما صديقك من نصحك فقد نفى إنما صحة الصداقة عمن لم ينصح.
وثبوت ما ذكرناه من التخصيص في قوله (وَالَّذِينَ آمَنُوا) يعلم أن المراد بالولي هو المدبر للكافة والإمام القدوة.
ولو كان المراد مجرد الموالاة في الدين لبطل هذا التخصيص.
ووجه آخر في الجواب عما ذكروه وهو أن الله تعالى ذكر في الآية التي احتججنا بها أمرا بدأ فيه بنفسه ثم ثنى برسوله صلى الله عليه وآله وسلم ثم ثلث بمن ذكره من المؤمنين فوجب أن لا يصرف قوله (وَلِيُّكُمُ) إلا إلى ما هو مستحق لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم وإذا كان كذلك فالذين آمنوا المذكورون في الآية يستحقون نظير ذلك