بعينه وفي هذا دليل على أن المراد تولي التدبير ولزوم الطاعة والأمر والنهي في الجماعة.
فإن قال الخصوم فإذا ثبت لكم أن مراده سبحانه في الآية التي احتججتم بها من قوله (وَالَّذِينَ آمَنُوا) هو بعض الأمة دون جميعها وسلم لكم أيضا أن معنى قوله (وَلِيُّكُمُ) فيها هو معنى الإمامة على الصفة التي تذكرونها فما الدليل على أن أمير المؤمنين عليهم السلام هو المراد في الآية والمقصود فيها؟
قلنا الدليل على ذلك نقل أصحاب الحديث من الفريقين أنها نزلت في أمير المؤمنين عليهم السلام وأنه الذي تصدق بخاتمه على السائل وهو راكع.
ولم يخالف في ذلك إلا من نشأ من متكلمي ذي المتكلمين وليس الإنكار يقوم مقام الإقرار ولا مجرد النفي بقادح في الإثبات وإذا اتفق على رواية شيء جميع أهل النقل كان ذلك حجة على من له تمييز وعقل.
فإن قالوا كيف يصح في ذلك الاتفاق وقد روي أن الآية نزلت في عبد الله بن سلام؟
قلنا يصح لنا ذلك من حيث إن هذه رواية واحدة وأخبار الآحاد لا تزيل الاتفاق الحاصل من جملة الأخبار والقول الشاذ لا يقدح في الإجماع.
على أن الذي روي أنها نزلت في عبد الله بن سلام قد تصفحت عليه الحال وأشبهت القصة بشهادة نقاد الأخبار.
وذلك أنه لما أسلم عبد الله بن سلام وأصحابه قالت اليهود والله لا جالسناك ولا كلمناك ولنقطعن ولايتنا منك ومن أصحابك ولا نصرناك فشكا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأنزل الله تعالى:
(إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ) ٥٥ ـ ٥٦.