على سبيل المجاز والتشبيه قال الخليل بن أحمد (١) صاحب كتاب العين كل من ينكب لوجهه فمس ركبته الأرض أو لا تمسها راكع وأنشد للبيد :
أخبر أخبار القرون التي مضت |
|
أدب كأني كلما قمت راكع |
فإن قالوا فما تنكرون أن يكون قوله (وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) وصفا لهم بإتيانهم وقوله (وَهُمْ راكِعُونَ) ليس المراد أنهم أعطوها في حال ركوعهم وإنما معناه أن الركوع من شأنهم وعاد تهم فوصفهم به وإن كانوا يفعلونه في غير وقت إعطاء الزكاة؟
قلنا أنكرنا ذلك من حيث هو خروج عن ظاهر الكلام المفيد إن الزكاة كان في حال ركوع الصلاة ولا طريق إلى الانصراف عن الظاهر مع الاختيار.
ومثل ذلك قولهم فلان يغشى إخوانه وهو راكب وظاهر هذا يدل على أنه راكب في حال غشيانه إخوانه وأن الزمان في الأمرين واحد.
وشيء آخر وهو أنا متى قلنا إن الزكاة لم تكن في حال الركوع أدى الكلام إلى التكرار لأنه وصفهم بإقام الصلاة فإذا وصفهم بعد ذلك بأنهم راكعون وهو يريد يصلون تكرر الوصف بالصلاة لأن الركوع داخل في قوله (يُقِيمُونَ الصَّلاةَ).
فإن قالوا فأمير المؤمنين علي عليهم السلام لم يكن يلزمه عندكم زكاة لأنه لم يكن من ذوي اليسار.
قلنا لسنا نقطع على أن الزكاة لم تجب عليه قط وربما ملك أدنى مقادير
_________________
(١) هو الخليل بن أحمد الفراهيدي الأزدي ولد في البصرة سنة ١ ٠٠ وتوفّي سنة ١ ٧٠ ه من أئمة اللغة والنحو والأدب والعروض وأخبار العرب ، وهو الذي اخترع علم العروض ووضع قواعده وأحكم أساسه ، وأول من صنف في علم اللغة ، ووضع كتابه (العين) ولم يتمه ، وله مؤلّفات منها : كتاب النغم ، وكتاب العروض ، وكتاب الشواهد ، وكتاب النقط والشكل ، وكتاب فائدة العين ، وكتاب الإيقاع. وكان من الزهاد المنقطعين إلى العلم. وتجد الكلام على كتابه العين في فهرست ابن النديم صلى الله عليه وآله وسلم ٦٤.