المعتقد عن العلم بأسباب ما فعل فإن عرفنا أسباب أفعاله كان حسنا وإن لم نعلمها لم يقدح ذلك في مذهبنا كما أنه قد ثبت عندنا وعند مخالفينا إصابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في جميع أقواله وأفعاله والتسليم له والرضا بما يأتي منه وإن لم نعرف سببه.
ولو قيل لنا لم قاتل المشركين على كثرتهم يوم بدر وهو في ثلاثمائة من أصحابه وثلاثة عشر أكثرهم رجالة ومنهم من لا سلاح معه ورجع عام الحديبية عن إتمام العمرة وهو في العدة القوية ومن معه من المسلمين ثلاثة آلاف وستمائة وأعطى سهيل بن عمرو جميع مناه ودخل تحت حكمه ورضاه من محو (بسم الله الرحمن الرحيم) من الكتاب ومحو اسمه من النبوة وإجابته إلى أن يدفع عن المشركين ثلث ثمار المدينة وأن يرد من أتاه ليسلم على يده منهم مع ما في هذا من المشقة العظيمة والمخالفة في الظاهر للشريعة لما ألزمنا الجواب عن ذلك أكثر من أنه أعرف بالمصلحة من الأمة وأنه لا يفعل هذا إلا لضرورة يختص بعلمها ملجئة أو مصلحة تقتضيه تكون له معلومة وهو الوافر الكامل الذي لا يفرط فيما أمر به.
وليس عدم علمنا بأسباب فعله ضارا لنا ولا قادحا فيما نحن عليه من اعتقادنا وأصلنا.
فكذلك قولنا في سبب غيبة إمامنا وصاحب عصرنا وزماننا.
ويشبه هذا أيضا من أصول الشريعة عن السبب في إيلام الأطفال وخلق الهوام والمسمومات من الحشائش والأحجار ونحو ذلك مما لا يحيط أحد بمعرفة معناه ولا يعلم السبب الذي اقتضاه فإن الواجب أن نرد ذلك إلى أصله ونقول إن جميعه فعل من ثبت الدليل على حكمته وعدله وتنزهه عن العيب في شيء من فعله.
وليس عدم علمنا بأسباب هذه الأفعال مع اعتقادنا في الجملة أنها مطابقة للحكمة والصلاح بضار لنا ولا قادح في صحة أصولنا لأنا لم نكلف أكثر من العلم بالأصل وفي هذا كفاية لمن كان له عقل.