انفصال
يقال لهم هذا الذي ذكرتموه لا يصح في المستقبلات وهو لازم لكم في الماضيات لأن الأعداد إذا يضم بعضها إلى بعض بعد وجودها وحصرها وعدد الليل والنهار الماضيات فقد وجدا وانحصرا بالفراغ منهما والوقوف عند آخرهما فصح ضم بعضها إلى بعض وأمكن ما ذكرنا فيها.
والمستقبلات من نعيم أهل الجنة وعذاب أهل النار فأمور متوقعة لم توجد وليس لها آخر لأنها تكون دائمة بغير انقضاء وما لم يوجد من العدد فلا يصح فيه ضم بعض إلى بعض وما يتوقع حدوثه أبدا بغير نهاية لا يكون مثل ما قد حدث وكان وتناهي بإدراك آخره في كل حال.
دليل آخر
ومما يدل على أن للأفعال الماضية أولا كونها ووجودها ولو لم يكن لها أول ما صح وجودها لأنها كالعدد الذي لا يصح أن يتوالى إلا أن يكون له أول إما واحدا أو جملة يبتدأ بها تقوم مقام الواحد.
انفصال (١)
قيل لهم لا يجب ذلك من قبل أن المستقبل منوط بقدرة القادر والعاد يصح منه أن يعد ما دام حيا فإذا كان ليس لوجوده آخر صح أن ليس لعدة آخر ومع ذلك فلا بد من أن يكون لعدده أول.
دليل آخر
ومما يدل على أن الأفعال لا يصح وجودها إلا بعد أن يبتدأ بأولها أنه لو قيل لرجل لا تدخلن دارا حتى تدخل قبلها غيرها لم يصح منه دخول شيء من الدور أبدا ولم يمكن ذلك إلا بأن يبتدأ بواحدة منها.
_________________
(١) ورد هذا الانفصال أو الجواب من دون أن يذكر الاعتراض ، وهو على الأرجح سقط من قلم الناسخ.