نزلت بهم أكلوا فيها ذخائرهم فخرجوا من شدة الأزل (١) وهم جماعة في طلب النبات فجنهم الليل فأووا إلى مغار وكانت البلاد مسبعة وهم لا يعلمون قال رجل منهم يقال له مالك قال رأينا في الغار أشبالا فخرجنا هاربين حتى دخلنا وهدة من وهاد الأرض بعد ما تباعدنا من ذلك الموضع فأصبنا على باب الوهدة حجرا مطبقا فتعاونا عليه حتى قلبناه فإذا رجل قاعد عليه جبة صوف وفي يده خاتم عليه مكتوب :
أنا حنظلة بن صفوان رسول الله.
وعند رأسه كتاب في صحيفة نحاس فيه بعثني الله إلى حمير وهمدان والعزيز من أهل اليمن بشيرا ونذيرا فكذبوني وقتلوني فأعادوا الصخرة إلى ما كانت عليه في موضعها.
وروى الأصبغ بن نباتة في حديث رجل من حضرموت أتى أمير المؤمنين عليهم السلام أيام أبي بكر فأسلم على يده قال فسأله أمير المؤمنين عليهم السلام يوما ونحن مجتمعون للحديث فقال له :
أعالم أنت بحضرموت؟
فقال الرجل إن جهلتها لم أعلم شيئا.
قال أفتعرف موضع الأحقاف؟
قال كأنك تسأل عن قبر هود النبي عليهم السلام؟
قال لله درك ما أخطأت.
قال نعم خرجت في عنفوان شيبتي في غلمة من الحي ونحن نريد قبره لبعد صوته فينا وكثرة من يذكره فسرنا في بلاد الأحقاف أياما وفينا رجل قد عرف الموضع حتى انتهى بنا ذلك الرجل إلى كهف فدخلنا وأمعنا فيه طويلا فانتهينا إلى حجرين قد أطبق أحدهما فوق الآخر وبينهما خلل يدخل الرجل النحيف فتحارفت فدخلت فرأيت رجلا على سرير شديد الأدمة طويل الوجه كث اللحية قد يبس فإذا مسست شيئا من جسده
_________________
(١) الأزل : الشدة