وعن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أول من غير دين إبراهيم ، ونصب الأوثان عمرو ابن لحي ، ولقد رأيته يجر قصبه في النار ـ أي : أمعائه ـ» والأقصاب الأمعاء ، واحدها قصب ـ بضم القاف وسكون الصاد ـ.
قال الحاكم : واستدل بعضهم على بطلان الوقف بالآية ؛ لأن الملك لا يخرج من ملك صاحبه إلى إلا مالك آخر ، أو على وجه القربة إلى الله تعالى ، كتحرير الرقاب.
قال الحاكم : وليس بصحيح ؛ لأن الوقف قربة كالعتق (١) ، ولقائل أن يقول : يستدل بالآية على نظير ذلك ، وهو ما يلقى في الأنهار والطرق ، وقرب الأشجار من طرح البيض والفراريخ ونحو ذلك ، فلا يجوز فعله ، ولا يزول ملك المالك ، ويحتمل أن يقال : قد رغب عنه وصيره مباحا.
وأما كسر البيض على العمارة ، والطرق ، والأبواب ، فالظاهر عدم الجواز ؛ لأن في ذلك إضاعة مال ، ولم يرد بفعله دليل.
قوله تعالى (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ) [المائدة : ١٠٤]
ثمرة ذلك : قبح التقليد ، ووجوب النظر ، واتباع الحجة ، وهذا في المسائل العقلية.
وعن العنبري ، وأبي مضر جواز ذلك ، واستدل أبو مضر بقوله تعالى في سورة الأحزاب : (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) [الأحزاب : ٥] وغلّطه الكني.
__________________
(١) هذا يصلح حجة على العاري عن وجه القربة ، يعني : أنه لا يصح.