وأما إذا أخبر عن نفسه (١) فقال : هو مؤمن حقا ، فمنهم (٢) من يجوز ذلك ، وأن يقول : أنا مؤمن حقا ، ومنهم من قال : لا يجوز ، إلا أن يقول : إن شاء الله تعالى (٣) ؛ لأنه قد لا يحيط بعلمه ، وأنه أدى ما كلف به ، فلو علم جاز.
قوله تعالى
(كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ) [الأنفال : ٥ ـ ٧]
النزول
قيل : نزلت في غزوة بدر عن جماعة من المفسرين ، وذلك أن جبريل عليهالسلام أخبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وسلم أن عير قريش أقبلت من الشام ، فيها
__________________
(١) الشك هل يقطع الإنسان بإيمانه. الخ.
(٢) هو قول قاضي القضاة ، ذكره عنه الإمام المهدي عليهالسلام في المقدمة في فضل الأسماء ، حيث قال : قال القاضي : لا يبعد أن يعلم الوفاء في الحال إذا تحفظ عليه ، أي : بالغ في حفظه ، وعدم الغفلة عنه ، وحينئذ يتقارن العلم والمعلوم ، وإنما يجب تأخر العلم عن المعلوم إذا كان اكتسابيا ، وهذا ضروري ، إذ هو علم بحال النفس ، فيصح مقارنته ، وإنما كان فيه صعوبة ولغز ؛ لأنه استحضار لأشياء كثيرة في وقت واحد ، فالقاضي يجيز : أنا مؤمن من غير تقييد بالمشيئة ، والتحفظ ذكره النجري في شرحه.
(٣) هما الشيخان أبو علي ، وأبو هاشم ، قالا : إذ لا سبيل له إلى أن يعلم وفاؤه بما كلف به الجميع من فعل الواجبات ، وترك المحظورات ، وإنما قلنا : إنه يتوقف على ذلك لأنه إذا جوز أن يكون قد ترك واجبا ، أو فعل قبيحا ، فقد جوز أن يكون قد فعل كبيرة ؛ لأن ما من معصية إلا وهو يجوز أن تكون كبيرة ، ذكر هذا النجري في شرحه على المقدمة (شرح القلائد)