والقاصد : القريب الذي لا مشقة فيه ، والشقة : المسافة ، وهذا تأكيد لوجوب الجهاد ، سواء عرف حصول الغنيمة أم لا ، وسواء قربت المسافة أم بعدت.
قوله تعالى
(عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ) [التوبة : ٤٣]
في هذه الآية دلالة على أنه لا يجوز للإمام التقصير في النظر ، ويجب عليه الفحص فيما يصدره من الأحكام ، وذلك لأن الله تعالى لما أوجب النفير على الخفيف والثقيل ، استأذنه المنافقون ، واعتذروا بمعاذير غير صادقة ، فأذن لهم صلىاللهعليهوآلهوسلم بترك النفير لظنه صدق معاذيرهم فلم يكن بإذن من الله تعالى.
قال في الحاكم عن قتادة ، وعمر : شيئان فعلهما رسول الله من غير استئذان : إذنه للمنافقين وأخذ الفدية من الأسارى ، فعاتبه الله تعالى ، وكان ذلك صغيرة من النبي عليهالسلام ـ ؛ لأن قوله تعالى : (عَفَا اللهُ عَنْكَ) دلالة على الخطيئة ، وكذلك قوله : (لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ).
وقيل : لم يكن ذنبا ولكن تركا للأفضل ، فالمعنى لم أذنت لهم بترك الأفضل.
وقوله تعالى : (عَفَا اللهُ عَنْكَ) جيء به لتعظيمه كما يقال : عفا الله عنك ما صنعت في حاجتي ، والأول عن أبي علي وغيره.
وقوله تعالى : (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ) ويعني بالوحي ، أو بالفحص ، والمراد فإذا تبين لك الذين صدقوا فلك أن تأذن.
إن قيل : إذا كانت المعاذير صادقة سقط النفير عنهم من غير استئذان فكان الإذن منه صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يفيد؟