قوله تعالى
(وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ) [الأنعام : ٥٢]
النزول
قيل : إن نفرا من قريش مروا برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعنده صهيب ، وعمار ، وبلال ، وخباب ، ونحوهم من ضعفاء المسلمين فقالوا : يا محمد أرضيت بهؤلاء من قومك؟ اطردهم فلعلنا نتبعك ، فنزلت ، عن ابن عباس وابن مسعود ، وقتادة ومجاهد.
وقيل : جاء الأقرع بن حابس التميمي ، وعيينة بن حصن الفزاري ، وجماعة من المؤلفة إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فوجدوه خاليا مع هؤلاء من ضعفة المسلمين ، وعليهم ثياب الصوف ، فقالوا : لو نفيت هؤلاء لجالسناك ، فقال عليهالسلام : «ما أنا بطاردهم» قالوا : فاجعل لنا مجلسا ، فإنا نستحي أن ترانا العرب مع هؤلاء الأعبد (١) ، فهمّ النبي بذلك ، فنزلت.
وعن سلمان ، وخباب أنهما قالا : فينا نزلت الآية ، وقيل : قالوا : أتخذ لنا يوما ولهم يوما ، فأبى ، فقالوا : اجعل المجلس واحدا ، وأقبل علينا بوجهك ، وول ظهرك ، فنزلت ، عن الكلبي.
ثمرة الآية : أن الواجب في الدعاء الإخلاص له ؛ لأنه تعالى قال :
__________________
(١) جعل عمار عبدا لأنه ابن أمة ، وإلا فهو عنسي النسب ، حليف لنبي مخزوم ، وأما سلمان فلا وجه لدخوله في الذكر هنا ؛ لأن الآية مكية ، وسلمان لم يكن إلا في المدينة ، حواشي الكشاف.