الحكم الرابع
يتعلق بقوله تعالى : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ) وتحقيق هذا الحكم أن الكافر إذا جاء يسمع كلام الله ويتدبره ولا عهد له ، أو انقضى عهده فإنه يجب أمانه حتى يسمع ، فإن أسلم ثبت له ما للمسلمين ، وإن أبى فإنه يرد إلى مأمنه ، ثم يقاتل بعد ذلك ، وهذا الحكم ثابت في كل وقت عن الحسن إلى يوم القيامة.
وعن سعيد بن جبير : جاء رجل من المشركين إلى علي عليهالسلام فقال : إذا أراد الرجل منا أن يأتي محمدا بعد انقضاء هذا الأجل يسمع كلام الله أو يأتيه لحاجة قتل؟ فقال : لا ، لأن الله تعالى يقول : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ) الآية.
وعن السدي والضحاك : هي منسوخة بقوله تعالى : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ).
قال الحاكم : وإنما يجار ويؤمن إذا لم يعلم أنه يطلب الخداع والمكر ؛ لأنه تعالى علل لزوم الإجارة حتى يسمع كلام الله بأنهم قوم لا يعلمون.
قال الحاكم : وتدل على أنه يجوز للكافر دخول المسجد لسماع كلام الله.
وظاهر مذهب الهادي والشافعي لا يجوز محتجين بقوله تعالى في هذه السورة : (فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) وما ثبت فيه ثبت في سائر المساجد.
قوله تعالى
(كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ)