ولعل جوابه أن إذنه عليهالسلام بيان لإذن الله ،
وقد قال المنصور بالله في المهذب : من ترك الجهاد مع الإمام ، واعتل بأنه يعين بالمال ، أو أنه قد وقع له إذن من الإمام سقطت عدالته ، وحكم بخطئه ، فحصل من هذا وجوب الفحص على الإمام ، وأن إذنه لا يفيد من لا عذر له ، ومن كان له عذر استغنى عن إذن الإمام.
قوله تعالى
(لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ) [التوبة : ٤٤ ـ ٤٥]
ثمرة ذلك : التحريض على الجهاد والمدح على من حرّض عليه ، وذم من حاص عنه ، وذلك لأنه تعالى بين حال المؤمنين وشدة حرصهم على الجهاد بأنه ليس من عادتهم الاستئذان وهو طلب الإذن ، لكن للمفسرين في معنى ذلك قولان :
الأول : محكي عن ابن عباس ، والأصم ، وأبي علي.
قال الحاكم : وأكثر المفسرين أن المراد لا يستأذنونك في القعود ، وترك الجهاد بالمعاذير الكاذبة ، كما كانت عادة المنافقين.
والثاني : أن المراد لا يستأذنونك في الجهاد تملقا ، بل يكتفون بالدعاء العام ، عن أبي مسلم.
وقوله تعالى : (إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) فيه المعنيان.
ابن عباس ومن معه : في القعود.
وأبو مسلم : في الخروج للجهاد تملقا.