فيما عند الله ، فلا شك أن الزهد أفضل مهما لم تعارضه مصلحة تقاومه من استعانه على الجهاد ، أو على طلب العلم ، وما ورد من التخريج في أنه لا يبعد من الطيبات فذلك إما لئلا يعتقد تحريمه ، أو على سبيل الإرشاد.
وأما قول علي بن موسى القمي أن العدول عن البر إلى الشعير يلزم مثله في العدول عن الحسناء إلى الشوهاء ، فلعل ذلك يفترق ، فإن حقوق الزوجية مع انشراح بال الزوج أقرب إلى التأدية ، والله أعلم.
ويتعلق بهذا أمران :
الأول : إذا حرم الحلال هل يجب عليه الحنث والرجوع؟
قلنا : ظاهر الآية يدل على ذلك ، وتلزمه مع ذلك التوبة.
الأمر الثاني : هل يلزمه في ذلك كفارة؟
قلنا : هذه الآية قد يستدل بها على عدم اللزوم ؛ لأن النهي يقتضي فساد المنهي عنه ، وهذه المسألة فيها خلاف بين العلماء ، وسيأتي اتساع القول فيه بمشيئة الله تعالى في سورة التحريم.
قوله تعالى : (وَكُلُوا) صيغته صيغة الأمر ، والمراد به الإباحة.
والطيبات ، قيل : هي الحلال ، وقيل : ما تشتهيه النفوس.
قوله تعالى
(لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [المائدة : ٨٩]