النظيري ، ودية القرظي على النصف من دية النظيري ، ولما قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالاستواء ، وكان بينهم قتل قالوا : لا نطيعك في رجم الزانيين ، ونأخذ في الدية والقصاص بما كنا عليه.
وقوله تعالى
(أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ) [المائدة : ٥٠]
قال الأصم : هذا مما كانوا حرفوا من حكم التوراة في القصاص والدية ، فبين الله تعالى أن حكم التوراة بخلاف ما هم عليه ، فقال تعالى : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها) أي : فرضنا في التوراة ، وقيل : كان الفرض في اليهود القصاص وفي النصارى الدية (١) ، فخير الله تعالى المسلمين بين القصاص والدية والعفو تخفيفا ورحمة عليهم ، وفي هذه الآية دلالة على أن ذلك مشروع في التوراة وهل يلزمنا ذلك من غير دليل من شريعتنا.
هو على الاختلاف بين العلماء ، فعندنا يلزم ، وهو قول أبي حنيفة ، وعند الشافعي لا يلزم ، واختاره الحاكم إلا أن يدل دليل يقرر ذلك ، وقد ورد قوله تعالى في سورة البقرة : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ) الآية ، وقوله تعالى في سورة بني إسرائيل : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً) وقوله تعالى في سورة البقرة : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ) وورد في السنة قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من قتل قتيلا فأهله بين خيرتين : إن أحبوا قتلوا ، وإن أحبوا أخذوا الدية» وحديث الرّبيّع بنت معوذ أنها لما كسرت سن جارية (٢) يعني غير مملوكة فأمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بكسر سنها ،
__________________
(١) تقدم في تفسير قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ) لكن في الثمرات هناك ما ظاهره يخالف ما هنا. وفي البغوي شرح هناك بمثل ما هنا فليحقق والله أعلم.
(٢) امرأة صغيرة حرة.