هذا استفهام بمعنى الإنكار والاستبعاد ، وفي ذلك دلالة على ما تقدم في جواز نقض العهد في الحال المذكور ، وهي الخيانة من المعاهدين.
وقوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) أراد بني كنانة وبني ضمرة ؛ لأنهم لم ينقضوا.
وقوله تعالى : (فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ) يدل على لزوم الوفاء مع الاستقامة ، وجواز النبذ مع عدم الاستقامة.
قال الحاكم : وأراد بالمسجد مسجد مكة ، فيكون هذا قولا رابعا في بيان قوله : «صلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة في غيره».
قوله تعالى
(اشْتَرَوْا بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ)
الاشتراء الاستبدال.
وقوله : (بِآياتِ اللهِ) قيل : بحججه ، وقيل : القرآن ، وقيل : التوراة ، وسبب نزولها أن أبا سفيان كان يجمع الأعراب على الضيافة ليصد الناس بذلك ، عن مجاهد ، وقيل : في قوم من اليهود نقضوا العهد عن أبي علي.
وثمرتها تحريم العوض على ترك الدين.
قال الحاكم : وهو من الكبائر ، وقد ذكر الإمام يحيى بن حمزة في الرشوة للحاكم أنها توجب الفسق.
وقوله تعالى : (فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ) دلالة على قبول التوبة في كل معصية من قتل أو غيره ؛ لأنها إذا قبلت في الكفر ففي دونه أولى ، إذ لا ذنب أعظم من الكفر ، ويدل على أن مجرد الندم لا يكفي في التوبة ، بل لا بد أن يضم أداء الشرائع ، هكذا في التهذيب.