لهما ، احتمل أن لا يجوز ، كما لو كانوا جماعة ، واحتمل أن يجوز ، وهو المختار ؛ لأن فرض الجهاد إنما يجب على الجماعة دون الأفراد.
وقال أبو طالب : وكذا القول في قتال أهل البغي : إنه لا يجوز الفرار.
تكملة لهذه الجملة
وهي أن يقال : قد ثبت في الآية أن الفرار لغير الأمرين من الكبائر.
وقد روي عن ابن عباس «أن الفرار من الزحف من أكبر الكبائر» حكاه في الكشاف.
وهذا جلي فيمن فر يوم بدر ، فما حكم من فر بعد يوم بدر إلى وقتنا ـ هل يقطع بفسقه؟ وتكون الدلالة عليه قاطعة؟ أو يقال : التفسيق لا يكون إلا بدليل قاطع؟
جواب ذلك : أنه إن فر غير متحرف ، ولم يكن ذلك لخشية هلاك ، ولا كان عدد الكفار زائدا على مثلي عدد المسلمين ، وكان فراره إلى غير المجاهدين ، فالدلالة قائمة بفسقه ، وإن اختل أحد ما ذكرنا بأن يخشى الهلاك دون النكاية ، أو كان العدد من الكفار أكثر من مثلي عدد المسلمين ، فقد صارت المسألة خلافية ، فلا يقطع بفسقه.
قال الإمام عليهالسلام في الانتصار : ومن فر ثم مات ولم يتب ، فرأي الزيدية وجماهير المعتزلة أنه يقطع بعذابه ، ورأي المرجئة ، وهو محكي عن الشافعي : أنه لا يقطع بعذابه ، وهذه المسألة من مسائل علم الكلام ، وشرحها في كتبه.
قوله تعالى
(وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) [الأنفال : ١٧]
قيل : أراد بذلك ما فعله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم بدر ، وذلك أن قريشا لما طلعت