وأما المسائل العملية الاجتهادية فيجوز لقوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) وقد فسر التقليد بأنه قبول قول الغير من غير حجة (١) ، وهذا كتقليد أولاد الكفار لآبائهم ، ونحو ذلك ، ولهذه المسألة تفصيل في كتب الكلام (٢).
قوله تعالى
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) [المائدة : ١٠٥]
قيل : كان الرجل إذا أسلم قالوا : سفهت أباك ، وضللته ، وقيل : كانوا يغتمون لموت آبائهم وعشائرهم على الكفر ، فنزلت تسلية لهم ، كما قال تعالى لنبيه عليهالسلام : (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ).
وثمرة الآية : أن أحدا لا يؤخذ بذنب غيره.
قال الحاكم : فيبطل قول من قال : يعذب الأطفال لكفر آبائهم ، قال : ويبطل قول من يقول : إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه.
قال النواوي في الأذكار : وأما الأحاديث الصحيحة (إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه) فليست على ظاهرها ، وله تأويلات أظهرها : أن المراد إذا كان له سبب في البكاء كأن يوصي به.
قال الحاكم ، والزمخشري : ولا يستدل بذلك على سقوط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ لأن الظاهر من الآية أن ضلال الغير لا يضر.
__________________
(١) أي : من غير مطالبة بحجة ، لأنه لو علم أنه قال ذلك بغير حجة لم يجز تقليده ، والله أعلم
(٢) أي : الكلام في أصول الفقه ، وليس علم الكلام.