قوله تعالى :
(قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ)
وفي هذه الجملة حكمان :
الأول : وجوب قتال من هذه صفته من الكفار حتى يخرج عن هذه الصفة بالإسلام ، أو يبذل الجزية فيقر على ذلك ، وإن كانوا يرتكبون من المنكرات العظائم من الكفر وشرب الخمر ، وأكل الخنزير ، ومثل هذا لا يجوز في حق من أسلم أن يؤخذ منه عوض ، ويقر على المعاصي ؛ لأن الشرع قد ورد بهذا ، ولا بد من أن تكون مصلحة ، وأن جهل وجهها مع أن إقرارهم بالجزية قد يكون لطفا لنا بالشكر على قهرهم ، ولطفا لهم يكون باعثا على الدين لأجل المخالطة.
الحكم الثاني : جواز أخذ الجزية ممن هذه حاله من أهل الكتاب ، وهذا إجماع.
قال في النهاية : وذكر بعضهم الإجماع أنها لا تؤخذ من قرشي كتابي ، وفي الجملة فقد اختلف العلماء ممن تؤخذ منهم الجزية ، فقال الشافعي : لا تؤخذ إلا من أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى.
وأما المجوس فله قولان : هل هم أهل كتاب أو ليسوا أهل كتاب ، وعلى القولين يؤخذ لأنهم وإن لم يكونوا أهل كتاب فقد صلىاللهعليهوآلهوسلم : «سنوا بهم سنة أهل الكتاب».
وروي عن علي عليهالسلام وعبد الرحمن بن عوف أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أخذ الجزية من مجوس هجر ، فأخذ الجزية منهم بالسنة ، لا بالكتاب.