وروي أن بعض (١) الصالحين رأى شبابا سكارى في يوم عيد فسلم عليهم ، ثم قال : لا يخلو حالكم إما أن يقبل صومكم فيلزمكم الشكر وما هذا فعال الشاكرين ، أو تكون أفعالكم مردودة فيلزمكم الحزن وما هذا فعال المحزونين ، فتابوا ولبسوا الصوف من بركة كلامه.
ومررت مع عابد اليمن ، سيد فضلاء الزمن ، إبراهيم بن أحمد الكينعي (٢) ـ رحمهالله تعالى ـ في بعض الليالي في بعض سكك صنعاء فصادفنا قوما معهم رنّة الملاهي ، فاستدعى كبير أولئك المتجندة ووعظه ، فاعتل بأن ذلك مسرة بفتح وقع في بلاد الباطنية ، فقال له ما معناه : إن الله أوجب عليك الشكر فلا تجعل شكره عصيانا ، فتاب واستغفر.
ودخل رجل على أمير المؤمنين يوم عيد وهو يأكل الخشكار فقال : اليوم يوم عيد وأنت تأكل هذا؟ فقال : اليوم عيد من قبل صومه ، وشكر سعيه ، وغفر ذنبه ، والخشكار : نخالة البر.
وفي الخبر أن سليمان عليهالسلام كان يطعم الناس الحوّاري (٣) ، ويأكل الخشكار.
قوله تعالى
(وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ) [الأنعام : ٧١ ـ ٧٢]
ثمرة ذلك وجوب الصلاة ، ولكن الدلالة مجملة ، وفي تخصيصها بالذكر من بين أنواع الشرائع ، وعطفها على الأمر بالإسلام ، وهو قوله :
__________________
(١) وفي نسخة ب (كما جاء ذلك من جهة) بحذف (في).
(٢) في ب (رجلا من الصالحين).
(٣) الحواري : بضم الحاء ، وتشديد الواو ، وفتح الراء. حوارى الطعام : ما حور ، أي : نقي وبيض. ومنه : الدقيق الأبيض النقي. صحاح.