تجارة عظيمة ، ومعها أربعون راكبا ، منهم أبو سفيان ، وعمرو بن العاص ، وعمرو بن هشام ، فأخبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم المسلمين ، فأعجبهم تلقي العير ؛ لكثرة الخير ، وقلة القوم ، فلما خرجوا بلغ أهل مكة خبر خروجهم ، فخرجوا على كل صعب وذلول ، فنزل جبريل عليهالسلام فأخبر النبي عليهالسلام ووعده إحدى الطائفتين إما البعير ، وإما النفير ، فاستشار عليهالسلام أصحابه وأخبرهم ، فاختاروا العير ، فغضب عليهالسلام حتى قام أبو بكر ، وعمر ، وسعد بن عبادة ، وسعد بن معاذ ، فأحسنوا القول ، وقال المقداد بن عمرو : يا رسول الله امض بنا لما أمرك الله ، فسرّ رسول الله وفرح ، وقال : «إن الله قد وعدني إحدى الطائفتين» (١) والمعنى من الآية في قوله
__________________
(١) وفي الكشاف في هذا المعنى ما لفظه : فقام عند غضب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أبو بكر ، وعمر رضي الله عنهما فأحسنا ، ثم قام سعد بن عبادة فقال : انظر أمرك فامض. فو الله لو سرت إلى عدن أبين. ما تخلف عنك رجل من الأنصار ، ثم قال المقداد بن عمرو يا رسول الله ، امض لما أمرك الله ، فإنا معك حيثما أحببت لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى : اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ، ولكن : اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون ، ما دامت عين منا تطرف ، فضحك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثم قال : أشيروا عليّ أيها الناس وهو يريد الأنصار ، لأنهم قالوا له حين بايعوه على العقبة : إنا برآء من ذمامك حتى تصل إلى ديارنا ، فإذا وصلت إلينا فأنت في ذمامنا ، نمنعك مما نمنع منه آباءنا ونساءنا ، فكان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يتخوّف أن لا تكون الأنصار ترى عليهم نصرته إلا على عدوّ دهمه بالمدينة ، فقام سعد بن معاذ فقال : لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال : أجل ، قال : قد آمنا بك وصدّقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق ، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة ، فامض يا رسول الله لما أردت ، فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد ، وما نكره أن تلقى بنا عدوّنا إنا لصبر عند الحرب ، صدق عند اللقاء ، ولعلّ الله يريك منا ما تقرّبه عينك ، فسر بنا على بركة الله ، ففرح رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وبسطه قول سعد ، ثم قال : سيروا على بركة الله وأبشروا ، فإنّ الله وعدني إحدى الطائفتين ، والله لكأني الآن انظر إلى مصارع القوم.