تعالى : (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ) أي : حالهم في كراهة تنفيلك كحالهم في كراهة خروجك من بيتك ، فيكون محل الكاف الرفع على أنه خبر ، أو يكون قوله : (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ) صفة لمصدر محذوف تقديره : ثبتت الأنفال ، واستقرت لله وللرسول مع كراهتهم ثباتا مثل إخراج ربك إياك من بيتك (١) وهم كارهون.
ولهذه الآية ثمرات :
منها : جواز تغنم أموال الكفار ، ولا إشكال في ذلك إذا كان في حال الحرب ، وجواز قتلهم ، وذلك معلوم.
ومنها : جواز كراهة المسلمين للقتال إذا كان ذلك كراهة طبع ، لا كراهة للحق.
ومنها : جواز طلب الرخصة ؛ لأنهم اختاروا العير ، وقيل : كرهوا قتالهم لعدم العدة ، فإنهم لم يكن معهم إلا فارسان (٢).
ومنها : أنه يفعل الأصلح للإسلام ، لأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم اختار النفير على البعير لما فيها من الشوكة والقوة ، وبأخذهم يتقوى الإسلام.
__________________
(١) ومثل هذا اللفظ في الكشاف ، ولفظ الكشاف (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ) فيه وجهان أحدهما. أن يرتفع محل الكاف على أنه خبر مبتدإ محذوف تقديره. هذه الحال كحال إخراجك. يعني أنّ حالهم في كراهة ما رأيت من تنفل الغزاة مثل حالهم في كراهة خروجك للحرب. والثاني : أن ينتصب على أنه صفة مصدر الفعل المقدّر في قوله : (الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) أي : الأنفال استقرت لله والرسول ، وثبتت مع كراهتهم ثباتا مثل ثبات إخراج ربك إياك من بيتك وهم كارهون. (ومِنْ بَيْتِكَ) يريد بيته بالمدينة ، أو المدينة نفسها ، لأنها مهاجره ومسكنه ، فهي في اختصاصها به كاختصاص البيت بساكنه.
(٢) في سيرة ابن هشام ثلاثة : فرس مرثد بن أبي مرثد الغنوي ، وفرس المقداد بن عمرو ، وفرس الزبير بن العوام ، وكان في المشركين مائة فرس. وفي هامشها صوابه مائتي فرس.