بالعبادات القلبية ، ولعالم يشتغل بتربية العلم ؛ لينتفع الناس به في دينهم كالمفتي ، والمفسر والمحدث ، وأمثالهم ، ورجل تكفل بمصالح المسلمين كالسلطان والقاضي ، فهؤلاء يكفون من الأموال المرصدة للمصالح ، والأوقاف لذلك ، ويكون اشتغالهم بما هم عليه أفضل من الكسب ، ولهذا قال تعالى : (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) ولم يوح إليه وكن من المتاجرين.
قال : وكذلك أشار الصحابة على أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ بترك التجارة لما ولي الخلافة ، إذ كان ذلك يشغله عن المصالح ، وكان يأخذ كفايته من مال المصالح ، فرأى أن ذلك أولى ، ولما توفى أوصى برده إلى بيت المال ، تم كلامه ، وهذا زيادة في التحرج ، أعني : رد أبي بكر ما استنفقه.
لكن للتكسب آداب لا بد منها :
منها : معرفة ما يقدم عليه ، وأن تكون أموره مطابقة للشرع ، وأن لا يشغله ذلك عن المساجد ، وأن لا يكثر الحلف ، ويروج السلعة ، ولا يخل بنصح المشتري في بيان العيب.
وقوله تعالى : (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ) قيل : إقامتها أن يؤديها في أوقاتها بشرائطها.
وقوله تعالى : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) قيل : أراد الإنفاق على النفس والعيال ، عن أبي مسلم ، وقيل : في سبيل الخير عن أبي علي ، وقيل : الزكاة المفروضة ، وقيل : النفقات الواجبة.
تكملة لهذه الجملة.
قال الحاكم : لا يجوز أن يقول الإنسان لغيره : هو مؤمن على الحقيقة ، يعني : على القطع ، وإنما يجوز من جهة الظاهر.