وفيه : ان الايمان الذي هو عبارة أخرى عن التصديق ان تعلق بوجود الشيء كان يتعدى بالباء ، ومنه قوله تعالى (وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ)(١) ، وان كان متعلقا بالقول والاخبار ، يتعدى باللام ، ومنه قوله تعالى : (وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا)(٢) ، (وَلَا تُؤْمِنُواْ إِلَّا لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ)(٣).
وعليه فحيث انه اريد في الجملة الثانية الايمان بقول المؤمنين ، فتعداه باللام ، وفي الجملة الأولى ، وان كان المراد به أيضاً الايمان بقوله تعالى ، إلا انه إنما تعدى بالباء للتنبيه على امر ، وهو ان الايمان والتصديق باخبار الله تعالى ، وقوله ، ملازم للتصديق بوجوده ، ولهذه النكتة تعدى بالباء.
وبهذا يظهر انه لاوجه للاستشهاد لما ذكرناه ، بان الظاهر من التعدية باللام هو التصديق فيما ينفعهم لا تصديقهم ولو فيما عليهم ويضرهم ، فالصحيح ما ذكرناه.
ولا يخفى انه بناء على ما ذكرناه من عدم دلالة الآيات ، غير آية النبأ على حجية خبر الواحد ، لا كلام فانه قد عرفت ان المستفاد منها حجية الخبر الواحد في الأحكام والموضوعات ، من غير فرق بين أنواع الخبر.
ودعوى ان المفهوم منصرف إلى الخبر المفيد للوثوق كما عن الشيخ
__________________
(١) الآية ٢٨٥ من سورة البقرة.
(٢) الآية ١٧ من سورة يوسف.
(٣) الآية ٧٣ من سورة آل عمران.