الإجمالي لا محالة يكون منحلا ، وحيث انه في المقام لا ريب في انا لو فرضنا قدرا من الأخبار لا يزيد عن المعلوم بالإجمال ، من الأحكام في ما بين الأخبار من الأحكام ، لا ريب في بقاء العلم الإجمالي بوجود أحكام فيما بين بقية الأخبار وسائر الأمارات الظنية ، فلا مناص عن عدم الانحلال.
ولا يكفي في الجواب عن ذلك مجرد دعوى الانحلال ، وعدم بقاء العلم الإجمالي كما في الكفاية (١) وتبعه الأستاذ الأعظم (٢) فان انكار بقائه مكابرة.
فالحق في الجواب ان يقال ان العلم الإجمالي وان كان باقيا إلا ان الذي يفيد ، لعدم الانحلال هو كون المعلوم بالإجمال وجوده من الأحكام في مجموع الأخبار وسائر الأمارات ، غير المعلوم بالإجمال وجودها في الأخبار المروية في الكتب المعتبرة ، وهذا إنما يكون مع عدم احتمال اتحاد مؤديات سائر الأمارات مع الأخبار المفروزة ، أو المفروز منها ، وحيث انه لا علم بوجود أحكام غير ما في الأخبار المروية في الكتب المعتبرة من الأحكام فلا محالة يكون العلم الإجمالي الكبير منحلا بالعلم الإجمالي الصغير والشك البدوى في سائر الأمارات.
بقي الكلام في ان مقتضى هذا الوجه ، هل هو حجية الخبر بنحو يقيد به المطلق ، ويخصص به العام ، وبه يرفع اليد عن الأصول العملية ، أم ليس إلا وجوب العمل بالاخبار المثبتة فقط.
والكلام في هذا المقام يقع في موردين :
__________________
(١) كفاية الأصول ص ٣٠٤ ـ ٣٠٥.
(٢) مصباح الأصول ج ٢ ص ٢٠٤.