بتداركه أو الظن به : إذ الظن بالحكم الذي لم يدل دليل على حجيته مشمول لادلة الأصول العملية الشرعية من الاستصحاب والبراءة الشرعية ، وتلك الأدلة اما ان تكون مقطوعة الصدور عنهم صلوات الله عليهم ، أو تكون مظنونة الصدور ، ولازم شمولها له تدارك المفسدة المظنونة حتى لا يلزم ايقاع المكلف في الضرر والمفسدة الواقعية ، اذ مع عدم احراز التكليف لا بد للشارع ، اما من ايجاب الاحتياط ، أو تدارك الضرر ، وحيث لم يوجب الاحتياط عند الظن بالتكليف فلا يظن بالمفسدة غير المتداركة ، بل يقطع أو يظن بالتدارك ، والعقل لا يستقل بقبح الاقدام على المفسدة المتداركة.
وفيه أولا : انه (قدِّس سره) (١) يصرح في مبحث البراءة بان الظن بالضرر غير العقاب ، قد جعله الشارع الاقدس طريقا شرعيا ، إلى الضرر الواقعي ، ويجب التحرز عنه ، ولا تجرى فيه البراءة ، كسائر موارد الطرق الشرعية : لان هذا الحكم العقلي أي وجوب دفع الضرر المظنون ، يكون واردا أو حاكما على البراءة العقلية والشرعية والاستصحاب ، ومع ذلك كيف يحكم بشمولها له وتدارك الضرر.
وثانيا : انه لم يقم دليل على لزوم تدارك المفسدة الواقعية في ظرف انسداد باب العلم والعلمي ، الذي هو فرض جريان الأصول العملية ، فانها إنما تكون في مورد انسداد باب العلم ، وعدم التمكن من الوصول إلى الواقع بالعلم أو
__________________
(١) راجع فرائد الأصول ج ١ ص ٣٧٠ قوله : «الظن بالحرمة لا يستلزم الظنة بالضرر» إلى أن قال : «ولو فرض حول الظن بالضرر الدنيوي فلا محيص عن التزام حرمته كسائر ما ظن فيه الضرر الدنيوي».