الثانية : انه ليس المراد استقلال العقل بحجية الظن : والدليل على ذلك عدم معقوليته إذ شان القوة العاقلة هو الدرك ، ولا تكون مشرعة وجعل الأحكام تكليفية كانت ، أم وضعية إنما هو وظيفة الشارع ، ولا يكون ذلك شان العقل ، وهذا من الوضوح بمكان.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم ان النتيجة المترتبة على المقدمات الخمس ، على فرض تماميتها إنما تختلف باختلاف المدرك للمقدمة الثالثة في كلام الشيخ والرابعة فيما اخترناه :
إذ لو كان مدرك عدم وجوب الاحتياط ان الشارع إلا قدس لا يرضى بابتناء اساس الدين واكثر أحكامه على الاحتياط ، للاجماع ، والضرورة ، فان الاحتياط وان كان حسنا في نفسه ، إلا انه لا يكون حسنا فيما إذا استلزم انحصار الامتثال في اكثر الأحكام على الامتثال الإجمالي ، المنافى لقصد الوجه والجزم ، فلا محالة تكون النتيجة هي الكشف.
إذ بعد فرض بقاء الأحكام ، وعدم جواز اهمالها وعدم حسن الاحتياط فيها لا محالة يكشف جعل الشارع الظن حجة إذ لا طريق غيره ومع عدم نصب الطريق تكون الأحكام تكاليف بما لا يطاق.
وان كان المدرك هو استلزامه العسر والحرج واختلال النظام فلا طريق إلى كشف العقل جعل الشارع الظن حجة بعد حكمه بكفاية الاحتياط بالامتثال الظنى.
واما الجهة الثالثة : فملخص القول فيها ان المقدمة الأولى ، وهي العلم الإجمالي بثبوت تكاليف كثيرة فعلية في الشريعة ، قطعية.