وعلى الجملة فرق بين اصل البراءة الجاري في كل من الاحتمالين مستقلا ، وبين أصالة الإباحة التي هي اصل واحد يرخص في الفعل والترك ، فمفادها ينافى المعلوم بالإجمال.
وأما دعواه الثانية وهو عدم جريان البراءة العقلية ، فهو تام.
فالأظهر عدم جريانها لتمامية البيان للعلم بالإلزام ، وإنما يكون عدم تنجز التكليف لعدم التمكن من الموافقة القطعية ، والمخالفة القطعية.
وبعبارة أخرى : إن تنجز التكليف متوقف على أمرين :
أحدهما : وصول التكليف. ثانيهما : التمكن من الموافقة والمخالفة.
وفي المقام عدم التنجيز إنما يكون للثاني لا للأول ، فلا ربط للقاعدة بالمقام.
والظاهر ان هذا هو مراد المحقق الخراساني (ره) فلا يرد عليه ما أفاده بعض المحققين (١) ، من ان ما تم بيانه ووصل إنما هو جنس الإلزام ، ولا يترتب عليه الأثر فلا يحكم العقل بتنجزه.
وأما خصوص الوجوب أو الحرمة فحيث انه مشكوك فيه ولم يتم البيان بالنسبة إليه ولم يصل فالعقاب عليه عقاب بلا بيان.
وأما ما أفاده المحقق النائيني (ره) (٢) في وجه عدم الجريان من ان القطع
__________________
(١) آية الله السيد الخوئي كما ذكر في محاضرات في أصول الفقه ج ٢ ص ١٩٦.
(٢) فوائد الأصول ج ٣ ص ٤٤٨.