(غَضْبانَ أَسِفاً)(١). ولم يؤت بأسيف لئلا تتكرّر المادة. وقال الهرويّ في قولهم (٢) : «إن أبا بكر رجل أسيف» أي سريع الحزن والبكاء ، وهو الأسوف أيضا ، وأما الآسف فهو الغضبان. وما قدّمته أولى لئلا يلزم التكرار معنى ، والأصل عدمه. قال : والأسيف في غير هذا العبد ، وقد جعله بعضهم من هذا الباب فقال (٣) : ويستعار للمسخّر والمستخدم ولمن لا يسمّى ، فيقال : هو أسف ؛ وذلك أن العبد يحزن غالبا ، والهمّ يذيب الشحم (٤).
ويقال : أسف يأسف أسفا ، وآسفته : أغضبته. وسئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن موت الفجاءة فقال : «راحة للمؤمن وأخذة أسف للكافر» (٥). وكذا في حديث إبراهيم (٦) : «إن كانوا ليكرهون أخذة كأخذة الأسف» أي موت الفجاءة (٧).
أ س ن :
قال تعالى : (مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ)(٨) أي غير متغيّر الرائحة. يقال : أسن الماء يأسن
__________________
(١) ٨٦ / طه : ٢٠.
(٢) الحديث لعائشة في النهاية : ١ / ٤٨ أي : شديد الغضب.
(٣) يعني الراغب.
(٤) وفي س : اللحم.
(٥) النهاية : ١ / ٤٨.
(٦) هو إبراهيم النخعي ، انظر النهاية : ١ / ٤٩.
(٧) ذكر المعلق في الهامش : «أن إسرائيل فيه لغات : قالوا : إسرال كما قالوا ميكال ، وإسرائين بالنون. قال أمية .... :
لا أرى من حبيبي في حياتي |
|
غير نفسي إلا بني إسرال |
وقال أعرابي صاد ضبا فجاء به إلى أهله وقال ، أنشد الحربي :
يقول أهل السوق لما جئنا |
|
هذا وربّ البيت إسرائينا |
وقال : أراد أي مما مسخ من بني إسرائيل. قال : وكذلك نجد العرب إذا وقع إليهم ما لم يكن من كلامهم تكلموا فيه بألفاظ مختلفة. معرب». وقال : «إسماعيل فيه لغتان : إسماعيل وإسماعين بالنون. قال الراجز :
قال جواري الحي لما جئنا |
|
هذا وربّ البيت إسماعينا. معرب». |
والبيت الثاني من شواهد الفراء (معاني القرآن : ٢ / ٣٩١).
(٨) ١٥ / محمد : ٤٧.